أسرة المقاومة وجيش التحرير تخلد الذكرى50 لانطلاق عمليات جيش التحرير بالجنوب
في غمرة أجواء الاحتفاء بالذكرى 31 للمسيرة الخضراء والذكرى 51 للعودة المظفرة لجلالة المغفور له محمد الخامس، والأسرة الملكية من المنفى إلى ارض الوطن، وعيد الاستقلال المجيد, يخلد الشعب المغربي من 20 الى 23 نونبر الجاري الذكرى الخمسين لانطلاق عمليات جيش التحرير بالجنوب، والذكرى 49 لانتفاضة قبائل آيت باعمران، باعتبارها ملاحم شكلت محطات بارزة في مسيرة الكفاح من أجل استكمال الاستقلال وتحقيق الوحدة الترابية.
ومن الصفحات المشرقة في سجل التاريخ النضالي والأمجاد الوطنية, يجدر الوقوف عند روائع ومَنارات وضاءة على درب التحرير من الانتفاضات الشعبية، كحركة الشيخ احمد الهيبة بالجنوب، إلى معركة الهري بالأطلس المتوسط، إلى معارك أنوال بالريف، وغيرها من المحطات التاريخية الطافحة بالمواجهات والمقاومات ضد المحتل الأجنبي .
كما اتخذت المقاومة عدة اشكال واساليب للنضال السياسي كمناهضة ظهير التمييز بين ابناء الوطن الواحد والتفريق بين العرب والبربر سنة1930 وتقديم مطالب الشعب المغربي الاصلاحية والمستعجلة في1934 و1936 ، فتقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال في11 يناير1944 . وهي مراحل جاهد بطل التحرير جلالة المغفور له محمد الخامس طيب الله ثراه لبلورة توجهاتها واهدافها ورسم معالمها واذكاء اشعاعها منذ توليه العرش في18 نونبر1927 ، حيث جسد الملك المجاهد قناعة شعبه في التحرير وارادته في الاستقلال ، ومثل بنضاله المستميت وتضحياته الجسام رمزا للمقاومة والفداء ووقف معلنا ومجددا مطالب المغرب في الحرية والاستقلال مؤكدا انتماءه العربي الاسلامي في خطاب طنجة التاريخي في9 ابريل1947 .
وستتواصل وستتعزز هذه المواقف الرائدة بمبادرات وتوجهات جلالته في التصدي لكل أشكال الهيمنة الاستعمارية ومحاولات طمس الهوية الوطنية وإدماج المغرب في ما يسمى بالاتحاد الفرنسي.
وبلغ التحدي بسلطات الاقامة العامة الفرنسية حد الاقدام على مؤامرتها الشنيعة وفعلتها النكراء بنفي بطل التحرير المغفور له محمد الخامس ورفيقه في الكفاح جلالة الغفور له الحسن الثاني والاسرة الملكية الشريفة في20 غشت1953 ، اعتقادا منها بأنها بهذا الاعتداء الجائر ستفك الميثاق التاريخي بين الحركة الوطنية ورائدها، وستفصل بين العرش والشعب وتحد من جذوة الكفاح المتقد والمتوهج.
الا ان تداعيات هذه المؤامرة لم تزد السلطان الشرعي الا صمودا وتمسكا بالدفاع عن مقدسات وطنه . ولم تزد المغاربة الا قوة في النضال وتفجير طاقاتهم الثورية من أجل عودة الشرعية ورجوع الملك المجاهد وأسرته الكريمة من المنفى واعلان الاستقلال .وهو ماتحقق في16 نونبر1955 بعودة الشرعية ورجوع بطل التحرير محمد االلخامس والاسرة الملكية الشريفة من المنفى إلى ارض الوطن مظفرا منصورا حاملا لواء الحرية والاستقلال .
وهي المحطة التاريخية التي يخلد الشعب المغربي من اقصاه إلى اقصاه هذه الايام ذكراها الحادية والخمسين في اجواء غامرة بالاعتزاز والاكبار والوفاء والبرور بقائدها الخالد بطل التحرير وبامجاد عيد الاستقلال .
ولم يكن انتهاء عهد الحجر والحماية وبزوغ فجر الحرية والاستقلال -يضيف البلاغ- الا بداية لملحمة الجهاد الاكبر لبناء صرح المغرب الجديد الذي كان من اولى قضاياه ومهماته الاساسية تحرير ماتبقى من التراب الوطني من نير الاحتلال والنفوذ الاجنبي .
وفي هذا المضمار تواصلت مسيرة الكفاح الوطني وكان انطلاق طلائع وقوات جيش التحرير بالجنوب المغربي سنة1956 تعبيرا قويا جسد إرادة العرش والشعب في استكمال الاستقلال وتحقيق الوحدة الترابية .
وهكذا خاض ابناء القبائل الصحراوية واخوانهم المجاهدون الوافدون من كافة الجهات والمناطق المحررة غمار عدة معارك بطولية على امتداد ربوع الساقية الحمراء ووادي الذهب .
واكتسح ابطال جيش التحرير الربوع المجاهدة في الاجزاء المغتصبة من التراب الوطني بالاقاليم الصحراوية فحققوا ملاحم بطولية وانتصارات باهرة لم تجد القوات الاسبانية أمامها الا ان تتحالف مع القوات الفرنسية في ما سمي بعملية ايكوفيون .
ومن بين هذه المعارك البطولية : معارك الدشيرة والبلايا والمسيد والرغيوة واشت والسويحات ومركالة وغيرها من الوقائع التي مامن شبر بربوع الصحراء الا ويخلد ذكراها وابطالها .
وفي هذا السياق وقفت قبائل آيت باعمران ضد الاستعمار ، مواصلة مواقفها الوطنية لتدخل في معارك طاحنة لقنت خلالها المحتل درسا في الوطنية حيث شهد هذا اليوم هجمات مركزة على ستة عشر مركزا اسبانيا في آن واحد ، تراجع على اثرها الاسبان إلى الوراء ليتحصنوا بمدينة سيدي ايفني.
وتواصلت مسيرة التحرير المباركة على كافة الواجهات الوطنية وفي المحافل الدبلوماسية الدولية وظل الملك المجاهد المغفور له محمد الخامس يجاهر بحق المغرب في تحرير صحرائه ومن ذلك خطابه التاريخي بمحاميد الغزلان في25 فبراير1958 حيث استقبل جلالته مجددا وفود وممثلي واعيان قبائل الصحراء الذين هبوا رغم الحصار المضروب على مناطقهم للقاء الملك المجاهد وتجديد البيعة له وتأكيد تجندهم دفاعاعن مقوماتهم وهويتهم الوطنية .
وعرفت سنة1958 كسب رهان من رهانات مسيرة استكمال الوحدة الترابية تمثل في استرجاع منطقة طرفاية .
وواصل المغرب بقيادة جلالة المغفور له الحسن الثاني مسيرة التحرير بكل عزم وايمان حيث تمكنت بلادنا بفضل الالتحام الوثيق بين العرش والشعب من استعادة مدينة سيدي افني في30 يونيه1969
وتكللت المساعي والتحركات النضالية بالمسيرة التاريخية الكبرى مسيرة فتح المظفرة في6 نونبر1975 التي جسدت متانة التعبئة الوطنية وعمق الايمان دفاعا عن المقدسات الدينية الوطنية كما عكست عبقرية ملك استطاع بحكمته وحنكته وبعد نظره ان يحقق استرجاع الاجزاء المغتصبة من الوطن .
وهكذا سارت مواكب المتطوعين والمتطوعات لتحطيم الحدود الوهمية وصلة الرحم بأبناء الوطن ، وكان النصر حليف الارادة الوطنية للمغاربة من اقصى الشمال إلى اقصى الجنوب ، لترتفع راية الوطن خفاقة في سماء العيون في28 فبراير1976 ايذانا بجلاء آخر جندي اجنبي عن الصحراء المغربية .وكذلك كان يوم14 غشت1979 الذي تم فيه استرجاع وادي الذهب إلى حظيرة الوطن الاب محطة بارزة وحاسمة في مسلسل ملحمة الوحدة الوطنية وانهاء فترة من التقسيم والتجزئة عانى منها طويلا ابناء الوطن الواحد
وتواصلت ملحمة صيانة الوحدة الترابية بكل حزم وعزم لاحباط مناورات ومخططات خصوم وحدتنا الترابية التي لم تزدها الا رسوخا ووثوقا وتعبئة شاملة ومستمرة لمواجهة كل التحديات الخارجية والتصدي لكل المؤامرات الانفصالية .
وهاهو المغرب اليوم بقيادة رائده الهمام باعث النهضة المغربية جلالة الملك محمد سادس يقف صامدا في الدفاع عن حقوقه الراسخة وتثبيت مكاسبه الوطنية مبرهنا باجماعه الوطني استماتته في صيانة وحدته الثابتة ومؤكدا للعالم اجمع من خلال مواقفه الحكيمة والمتبصرة ارادته القوية وتجنده التام دفاعا عن مغربية صحرائه وعمله الجاد والمتبصر لانهاء كل اسباب النزاعات المفتعلة وحرصه الصادق على تقوية اواصر الاخاء والتعاون وحسن الجوار بالمنطقة خدمة لمصالح شعوبها وتعزيزا لاتحادها واستشرافا لافاق مستقبلها المنشود .
وأضاف البلاغ أنه في غمرة اجواء تخليد الذكرى31 للمسيرة الخضراء المظفرة والذكرى51 لعيد الاستقلال المجيد والذكرى الخمسينية لانطلاقة جيش التحرير بالجنوب ، تجدد اسرة المقاومة وجيش التحرير وقوفها الدائم وتعبئتها المستجدة وراء القيادة الحكيمة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس لمواصلة السير قدما على درب الملاحم والمكارم لتثبيت وحدتنا الترابية ، والاستعداد الدائم لبذل كل التضحيات في سبيلها .
ان مايوحي به تخليد هذه الذكريات الوطنية العطرة والمجيدة هو ابراز ماتزخر به من قيم ومعاني سامية لتنوير اذهان الناشئة والاجيال الصاعدة والجديدة بقبساتها في مسيرات الحاضر والمستقبل اعلاء لصروح المغرب الجديد وصيانة لوحدته الترابية ومكاسبه الوطنية
ان المغرب الذي ناضل بكل ايمان مسترخصا اغلى التضحيات من اجل الذود عن كيانه وهويته ، سيظل يقظا صامدا في وجه كل التيارات المعادية ، مدافعا بالحجة والبرهان تثبيتا لحقه ، ومجندا لدحض كل الاباطيل والافتراءات والاطماع العدوانية ، مؤمنا في الوقت نفسه بقيم السلام والحوار وحسن الجوار ومساهما من اجل انجاز المطامح المشروعة للشعوب المغاربية وتطلعاتها إلى الاتحاد والتكامل في العالم المعولم الذي لامكان فيه للكيانات الضعيفة والاقطار غير المتكتلة .
وقد اظهر المغرب الدليل تلو الدليل على حسن نياته وصدق ارادته وصفاء طويته في انهاء النزاع المفتعل حول الاقاليم الصحراوية المغربية بكل حكمة وتبصر وبعد نظر ، وعبر بالواضح عن توجهاته البناءة ومساعيه الحثيثة لخلق واذكاء روح الاخاء والتضامن والتعاون
وسيظل المغرب متشبعا بهذه الروح الانسانية ومكارم الاخلاق والمثل العليا مجندا على الدوام تحت القيادة الحكيمة لباعث النهضة المغربية جلالة الملك محمد السادس فاعلا ومناضلا من اجل تحقيق المقاصد السامية والاهداف النبيلة ومجندا باجماعه الوطني وبكل قواه صيانة لوحدته وسيادته الوطنية فالصحراء مغربية وستبقى كذلك ، والمغرب قوي بمشروعية حقه وبعدالة قضيته وبالتفاف المغاربة اجمعين من طنجة إلى الكويرة حول عاهلهم وتشبثهم بقيم ومسلكيات الوطنية الحقة والمواطنة الايجابية.